إدارة الطاقة أم إدارة الوقت ؟ – مفتاح الإنتاجية الحقيقية

كم مرة قمت فيها بوضع خطة لإدارة وقتك بهدف زيادة الإنجاز ثم لا تلبث هذه الخطة سوى أيام معدودة حتى تسقط في براثن الفشل ؟

و السبب لهذه الحالة إن مقدار طاقتك لا يتناسب مع نوعية خططك المرسومة على مسطرة الوقت و ساعات اليوم .

إن للروتين الذي نعيشه سلطة علينا ، و إن كان هذا الروتين يميل للكسل و الخيارات السهلة ( أي ذو طاقة محدودة ) ، فهو في الغالب سيقوم بإقصاء أي خطة جديدة تحوم في الأفق .

في الواقع : لا فائدة من وفرة الوقت مادمت لا تملك طاقة لإنجاز مهمة واحدة .

لنفهم ما يجري قليلاً .

لو تخيلنا أن اليوم عبارة عن طريق طويل يبدأ من ساعة الاستيقاظ و ينتهي وقت النوم .

سيكون ( تنظيم الوقت ) لهذا اليوم مثل الخريطة التي ترشدك للوجهة الصحيحة و محطات الإنطلاق و نقطة الوصول .أي : في ساعة كذا نفعل كذا ، و في الساعة تلك ننتهي من كذا .

لكن ما يحدث أحيانا أنك تظل واقفا في مكانك ولا تصل إلى أي وجهة ، لأنك لا تملك وقود للحركة (أي طاقة ) برغم دقة خريطتك .

لماذا نتهم بإدارة الطاقة ؟

إن الوقت محدود ، و يمكن اعتباره طاحونة جامدة خارجة عن إرادتنا ، أي لا يمكنك إبطاءه ، و لا يمكنك إيقافه . كما أنه كمي ( يعتمد على كم عدد المهام التي يمكن إنجازها ؟ )

بينما الطاقة هي أشبه بالملكية الخاصة ، و مورد متجدد ، يمكن زيادته و توسيعه و تقليله حسب الحاجة ، كما أنها كيفية ( أي ترتبط أكثر بجودة العمل بدلا من عدد المهام ).

وميزة الطاقة إنها ترتبط بالفرد بما يمكن تسميته بدوائر الطاقة : الجسد و الفكر و الشعور و الروح .

دوائـــر الطــاقــة :

لو تخيلنا أن للجسد بطارية ، تكون ممتلئة حيناً فتصير الحركة خلال اليوم سهلة سلسة ، أكثر إنجازاً و أسرع في تحقيق الأهداف . ثم تفرغ هذه البطارية فتبدأ الحركة في التباطئ و يقل مستوى التركيز و يميل الجسد عندها للخمول والحاجة للراحة . السؤال هنا كيف يمكن أن نشحن هذه البطارية بطريقة تدعم جودة إنجازنا خلال اليوم ؟

إن للبطارية أربعة دوائر شحن :

في الدائرة الأولى يأتي شحن البطارية من خلال الجسد : طعام جيد ، نوم كافي ، حركة ، ضوء شمس ، شرب ماء ، تغذية .. و حتى الراحة و ممارسة الكسل بوعي يشحن هذا الجزء من البطارية ..

ثم في الدائرة الثانية يأتي الشحن من خلال الفكر أو الذهن: مثل تطوير القدرة على التركيز ، المنظور الايجابي للحياة ، إدارة القلق ، التخطيط، و مستوى جودة تدفق المعلومات إلى عقلك خلال اليوم .

أما في الدائرة الثالثة فتأتي الحالة العاطفية / الشعورية : مثل مستوى السعادة و المتعة، و القدرة على إدارة المشاعر السلبية كالخوف و الغضب و الحزن ، و مستوى شجاعتك ، و جودة علاقاتك ، كما أن شعورك العام خلال فترة زمنية طويلة يحدد جودة بطاريتك ( ماهو شعورك الغالب خلال 21 يوم مثلا ؟ )

و أخيرا في الدائرة الرابعة يأتي الشحن من الروح : كالرسالة و الهدف و المعنى و القيم و شعورك بالاتصال بالطريق الذي تمضي فيه في الحياة ( بمعنى أنت تنتمي لما تفعل ) .

و بالطبع لا يمكن أن تكون هذه الدوائر بصورتها المثالية كل يوم . لكن على الأقل ، تظل هناك دوائر قوية تتولى حمل الدوائر الضعيفة حتى يمكنك التحرك و الإنجاز خلال اليوم .

مثل أن تكون متعب جسدياً ، لكن شعورك بالحماس حيال مهمة معينة يدفعك للإنجاز حتى و أنت مستلقي في سريرك .

أو لو أن شعورك هو الاستنزاف من عملك ( كأنه يسحب بطاريتك ) ، لكنك حالياً تتمتع بفكر ايجابي يجعلك تتطلع لبناء خبرة تنقلك لعملك التالي .

تكمن الخطورة فقط عندما تنسحب من يديك كل هذه الدوائر ، أو أن الدوائر الضعيفة تبدأ باستنزاف الدوائر القوية حتى لا يبقى عندك شيء ، فتدخل هنا في حالة إنطفاء . لذا تحتاج دائماً أن ترعى دوائرك للطاقة و تصلح الضعف البارز فيها ، كما و تستفيد من نقاط القوة عندك لدعم نقاط الضعف.

و الأن بعد الفهم النظري يأتي السؤال :

كيف نطبق إدارة الطاقة في الحياة اليومية ؟

١.أولا: اكتشف طاقتك الأصلية :

بمعنى أننا نولد أصلا ببطاريات مميزة عن الآخرين ، و مكيّفه بطريقة تناسبنا . مثل أن تكون أكثر نشاطا في الصباح لممارسة الرياضة ، بينما زميلك يكون أكثر نشاطاً في فترة العصر لممارستها . و رغم محاولاتك لنقل روتين رياضتك لوقت آخر ، تجد نفسك لا تفعلها بأفضل جودة إلا في الصباح . ( بطاريتك الشخصية تحب هذا ).

أمثلة أخرى :

  • أن تجد نفسك أكثر إبداعاً بعد شرب القهوة.
  • أو مزاجك أعلى لعائلتك بعد ممارسة المشي.
  • أو مستوى الانجاز أعلى بعد ترتيب مكتبك بطريقة معينة .

2. انجز أهم أعمالك في ذورة طاقتك :

لو كنت تنشط في فترة المساء لإنجاز أعمالك، إذن لا داعي للانتظار حتى الصباح .

ولو كان مستوى ذروتك هي بعد إستراحة الغداء ، إذن لا حاجة لتأجيلها إلى بعد العصر

3. احترم البطارية عندما تفرغ :

توقف عن النشاط ، خذ قيلولة ، اجلس و شاهد التلفاز أو تصفح هاتفك ، تناول طعامك و دردش مع صديق .

و إن كان لابد من استئناف بقية أعمال اليوم ، احرص على أن تكون أنشطة الراحة عبارة عن مصادر شحن لبطاريتك ، وليست أنشطة استنزاف وهو ما يتطلب أن تبني قائمتك الخاصة بالأنشطة التي تدعم امتلاء هذه البطارية .

4. اكتب مصادر شحن و استنزاف طاقتك :

بالإضافة إلى طريقة عمل طاقتك ( بطاريتك ) الأصلية ، ستحتاج أيضا إلى اكتشاف مصادر أخرى لشحن هذه البطارية و الانتباه لما يستنزفها خلال اليوم .

  • الصباح و الاستيقاظ المبكر يدعم بطاريتي
  • ترقب مكافأة مثل : ( وصول شحنة ) أو ( سأتابع مسلسلي بعد الانتهاء من هذا العمل )
  • شرب قهوة بدرجة كافيين متوسطة .
  • الدخل ( أي تدفق للمال في رصيدي يشحن طاقتي )😂
  • الاستحمام.
  • البدايات : بداية الأسبوع ، بداية الشهر ، بداية السنة . أنا أستغل طاقة البدايات للإنجاز .
  • المكتب المرتب .
  • المشتريات الجديدة.
  • الجمال عموما : أي عندما أكون مرتبة و ملابسي لائقة .
  • مشاهدة الإبداع : عندما أفتح تطبيق بنترست مثلاُ ، أشعر بطاقة جيدة .

و بالمقابل كن على وعي بأنشطة الاستنزاف والتي تجعلك تلغي بقية أعمال اليوم ﻷنك متعب و لا تملك طاقة .

  • القيلولة الطويلة.
  • القهوة بدون كافيين (تسحب طاقتي بشكل غريب ).
  • تصفح تطبيق X تويتر سابقا.
  • مشاهدة مقطع طويل مثل فيلم. ( يجعلني كسولة أكثر )
  • الطعام الثقيل.

5. خامساً : أعد تكييف بطاريتك و جدد قائمتك حسب الظروف :

في ظروف خاصة تحتاج أن تغيّر شواحن بطاريتك تبعاً لنمط حياتك الحالي متخلياً عن الطرق المعتادة .

مثل  عندما تضطر لترك القهوة لأسباب صحية ، وهي كانت تمدك بدفقات نشاط للإنجاز . أنت هنا تحتاج لشاحن مختلف لبطاريتك .

أو في حالة الأم التي ولدت حديثاً قد تحتاج أشهر قبل أن تستطيع أن تستيقظ في الصباح بطريقة تدعم نشاطها ( الحياة هنا تحولت و تحتاج تكيّف من نوع آخر ) .وقد شرحت هذه الحالة بالتفصيل في كتيّب ( أمومة مزهرة ) يمكنك قراءة التفاصيل بالنقر على الصورة :

و الأن هل تتخلى عن إدارة الوقت و تركز فقط على إدارة الطاقة ؟

حتماً لأ . يظل الوقت هو المحرّك الأول للإنسان ، و يبقى من المناسب دائما أن تملأ جدول أنشطتك تبعاً لساعات اليوم ثم تلتزم به . لكن سيكون من المفيد دمج مفهوم ( إدارة الطاقة ) ، خصوصا في الحالات التالية :

  • لو وجدت أنك تفشل في الالتزام ببعض المهام في ساعات معينة من اليوم :قد يكون فراغ بطاريتك هو السبب.
  • لو تداعى الزمن في عالمك و اختلطت الساعات ببعضها لظروف معينة مثل : المرض أو انجاب طفل جديد أو التعرض لأزمة نفسية .
  • أو عندما لا تكون مهتم بتنظيم الوقت أصلا وهدفك هو الانجاز فحسب ، إذن دعك من الوقت و ركز في إدارة الطاقة .

هذا كل شيء . هل قدمت لك المدونة شيء مفيد ؟

شارك الموضوع لو استفدت منه ..

شكرا للقراءة

مواضيع ذات صلة :

شاهد متجرنا الإلكتروني ، ملفات و مفكرات رقمية في التخطيط و التنظيم :

https://joharhworldshop.com/

رد واحد على “إدارة الطاقة أم إدارة الوقت ؟ – مفتاح الإنتاجية الحقيقية”

  1. صورة أفاتار
    غير معروف

    شكراً لك،مدونتك رائعة وعملية ولغتها بسيطة.

    Liked by 1 person

اترك رد

اكتشاف المزيد من مدونة جوهرة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

مواصلة القراءة