
( إذا كنت تعتقد أن المغامرة خطرة ، فجرّب حياة الروتين ، إنها قاتلة )
باولو كويلو
هذه التدوينة من منطلق أكثر سؤال يأتيني مؤخراً على الانستغرام :
كيف أتغلب على الكسل ؟ كيف أتحرك لأنجز أعمالي و مهامي ؟ عندي اختبار و لا أستطيع أن أبدأ بالمذاكرة ؟
لكن قبل أن أعطيك الاجابة مكتوبة ، بإمكانك المشاهدة او الأستماع لهذا البودكاست الذي يعتبر اختصار لموضوع التدوينة في 10 دقائق ، في حالة أنك تفضّلين الاستماع على القراءة
نكمل :
في الواقع ، الكسل و الراحة ميل طبيعي عند الكائنات لكنه غير فطري ( نحن لم نولد كسالى ) ، هذا الكسل زاد في السنوات الأخيرة مع سهولة الحياة و رفاهية التكنولوجيا ، بمعنى أن معظم الناس قد تحتاج لبذل جهد لتطوير عادة النشاط ، و ايجاد أسباب جيدة للإستيقاظ و التحرك للعمل .
لاحظي أن الكسل يختلف تماماً عن التسويف ، الكسل يأتي بمعنى تجنب العمل ، مثل أن تقولين : ( أفضّل النوم و مشاهدة التلفاز😏 ) ، و بالتالي عدم استخدام طاقتك الجسدية و العقلية برغم انك قادرة على استخدامها . وهذا يعني أن المريض جسديا أو نفسياً لا يعتبر انسان كسول لأنه اصلا غير قادر على استخدام طاقته .
بينما التسويف يتداخل فيه بعض المشاعر ، بمعنى أنا أريد أن أعمل لكن خائف أو متردد أو يائس من النجاح بالتالي أتهرب من العمل بقدر المستطاع🏃♀️
آيضا الكسل لا يعني الاستراحة ، أنا أشجّع على ( الكسل الواعي ) ، أي في ايام الاجازات و نهاية الأسبوع و كذلك القيلولة في منتصف النهار. لأن هذا يعني شحن للطاقة و اعادة ملئ الخزان بالنشاط .
عموما ُ ، خلق النشاط في حياتك هو مثل خلق أي عادة صحية و يفضّل أن تبدأيها في عمر مبكر . لأن تقدم العمر ينطوي اصلا على ضعف الارادة و تجمّد العادات و بالتالي نبدأ نشهد آثار و مضاعفات لعاداتنا السيئة مثل السمنة بسبب الكسل .

هذه التدوينة لـك لو كنتي :
- تحبين السرير و تكرهين صوت المنبه
- لديك خطط كثيرة لكن انجازك قليل
- تأنبين نفسك في المساء بسبب الكسل و قلة الانجاز
- لديك مشتات كثيرة في حياتك تزيد من عادة الكسل
اذا كانت هذه الحالة عندك ، اذن تابعي السرد للحلول المقترحة و طبقيها خطوة بخطوة :
آولا : افهمي السبب ، لماذا أنتي كسولة ؟
بعضاً من هذه الأسباب قد تكون :
- أنتِ مرهَقة : وهو أكثر الأسباب شيوعاً و وضوحاً ، فقلة النوم ، و التغذية الفقيرة ، مع جسد يترنح على أعتاب مرض كلها أسباب تهبّطك عن الحركة و تدفعك للإستلقاء أو الجلوس لنصف اليوم .
- -هناك زحمة أهداف : مذاكرة ، زيارات عائلية ، و هناك غرفة تحتاج لتنظيف ،وفوق كل ذلك لديك قائمة مُلهيات تريدين الانغماس فيها : أفلام ، مسلسلات ، حياة السوشال الميديا . من المنطقي أن تكون المحصلة النهائية لليوم : لا شيء تم انجازه ، ربما فقط المٌلهيات .
- حالتك النفسية ليست على مايرام : القلق و العصبية و الحزن و الخوف كله يترسب في أجسادنا و يخلق نوع من البطء في الانجاز و غشاوة في التفكير .
- لديك حافز منخفض : الأسباب التي تمنعك عن العمل أكثر من تلك التي تدفعك له . فلا يوجد حماس و لا وقود و لا هدف ممتع .
- السبب الأخير هو أنك لا تحبين ما تعلمين : نعم ، ليست كل أعمالنا و واجباتنا تجلب السعادة ، فلا عجب أننا كسالى حيال انجازها . وهو سبب منطقي لقول : مالي خلق 😴
ثانيا : بعد معرفة الأسباب قومي ببناء روتين :
الروتين هو وسيلة تكيّف في الحياة . أنا شخصيا أحب بناء روتين لكل فترة زمنية مثل : روتين في أيام العمل ، روتين للإجازات ، روتين رمضان ، وغيره . لاحظي أن بناء الروتين يعني التخطيط الواعي له وليس ترك الأيام تمضي كيفما اتفق ثم نقول : هذا هو الروتين ✋🤨
لماذا أشدد على فكرة الروتين ؟
لأن للروتين ( سحر ) يجعل كل شيء في مكانه ، فمثلا عندما أستيقظ و أنا في مزاج لبد و متعكر ، ولا اجد طاقة لبدء اليوم . هنا يتدخل ( سحر الروتين ) _الذي مارسته لأيام _،كقوة دافعة تمضي بي للأمام . فأجدني أتحرك ولو ببطء لإنجاز أعمالي و ممارسة رياضتي و قراءة كتبي . حيث أنه لا يمكن كسر العادة القوية بسهولة . إن الروتين مثل أي شيء آخر في حياتك ، يقاوم ليعيش حتى تقرر أن تتركه بنفسك .
لكن بالطبع اذا كنت مُتعب جسديا ، يكون الأهم أن ترتاح ، قاعدتي في هذه المسألة هي :
اذا تعبت جسدياً ارتاح ، لكن اذا تعبت نفسياً تحرك .
شاهدي مواضيع التخطيط لمعرفة كيفية بناء الروتين :
أو احصلي على ملف التخطيط لبناء عادة التخطيط و الإلتزام بها :

ثالثا : احرصي على أن لا ترتاحي كثيراً :
ننهج آحيانا بعض السلوكيات المريحة و التي لا تشجّع على مقاومة الكسل . مثل العمل على السرير ، أو البقاء مرتدية البيجاما الى منتصف النهار . أوصيك أن تفعلي العكس ، لزيادة دفقات النشاط في جسدك . مثل وضع منبه على هاتفك أو الساعة الذكية للتذكير بالحركة كل ساعة ، اذا شعرتي بزحف الخمول على جسدك في منتصف اليوم ، اغسلي وجهك بالماء البارد أو استحمي . غيري ملابس النوم الى شيء أكثر عملية و خفة . اجلسي على الطاولة للعمل بدل السرير ، تحركي بسرعة لترتيب المكان من حولك ، اخرجي في نزهة على القدمين . فكل ذلك من شأنه يقلل راحتك الجسدية المؤدية للكسل
رابعا : احرصي على أن لا تتعبي نفسك آيضا :
على الرغم من أن طريق النشاط يبدأ من دفع نفسك للحركة ، لكن هذا لا يعني أن تصلي بنفسك للإرهاق . فالتعب هو بوابة الكسل . حددي لنفسك فترات استراحة خلال اليوم . تناولي وجباتك ببطء و اعتبريها محطة استراحة ، اسمحي لجسدك يهضم طعامه و يستوعبه . لو شعرت بالإرهاق خذي قيلولة .
آيضا خذي في الاعتبار أن لا تجعلي فترات استراحتك مرتبطة بأشياء تجعلك تنغمسين في الراحة و لا تستطعين العودة للنشاط ، مثل خدعة : استراحة لمشاهدة فيلم😝 ، حيث أن الفيلم يمتد لساعة و أكثر . كذلك استراحة لتصفح السوشال ميديا إن كنتي فاقدة للسيطرة عليها ستجعل من الصعوبة العودة للواقع . لذلك اجعلي فترات الراحة الطويلة في نهاية اليوم وليس في منتصفه .
لكن ماذا لو كنتِ فعلا مرهقة جسديا ؟
إن كان الأمر يتعلق بجودة النوم و التغذية فمعظم هذه المشكلات يمكن حلّها منزلياً ، دون الحاجة لزيارة طبيب من خلال اتباع روتين صحي مرن . لكن لو وجدتِ أن الأمر صار يؤثر على كل حياتك ، فالوقت حان لزيارة مختص لتشخيص المشكلة من جذورها
أما في حالة المتاعب المزاجية كالقلق أو الخوف الذي يشلّ حركتك ، أوصيك أن لا تجعلي الأمر يتراكم أكثر و يتحول لمرض نفسي ، نظفي مشاعرك العالقة ، افهمي الأسباب ، اتخذي قرارات شجاعة و امضي ببطء لشفاء ذاتك . و لا تتردي بالطبع في طلب المساعدة عند الحاجة

خامسا : أوجدي الحافز ، اخلقي الحماس :
من أسئلتي المفضلة في التخطيط الأسبوعي هو : ما الذي أتحمس بشأنه الأسبوع القادم ؟ . و آحيانا قبل النوم ، أفكر بأسباب جيدة للإستيقاظ . لا تعتقدين أن الأمر يتطلب حافز قوي مثل مكافأة مالية أو رحلة الى بلاد العجائب . هي مجرد أشياء صغيرة تجلب البهجة أو الراحة مع شعور بالحب . حتى تلك الأشياء الاعتيادية أحب أفكر فيها بطريقة مختلفه فقط لجعل الحياة المملة الناعسة أكثر اشراقاً ، مثال :
- متحمسة لوجبة الفطور غداً ، حيث سأجرب وصفة جديدة
- متحمسة لتذوق القهوة التي اشتريتها
- متحمسة لنزول الراتب / المكافأة هذا الأسبوع
- متحمسة لإكمال حلقات مسلسلي المفضل
- متحمسة لهدوء الصباح عندما يكون كل أفراد المنزل نائمين بسلام
- متحمسة لإختيار كتاب جديد بعدما انهيت كتابي الحالي
- متحمسة لوصول شحنة طلباتي هذا الأسبوع
وهكذا . ، صحيح هي مجرد أشياء عادية . لكن اضفاء شعور الحماس عليها يعطي لنفسك شيء من الحيوية و الانتعاش في لحظاتك المقبلة .

سادسا : اكسري عاداتك السيئة المحفزة للكسل :
آحيانا لا يكون الكسل مرتبط بليلة واحدة من النوم القليل ، بل هو سمة تغلب على كل أيامك ، وهذا يعني أن هناك عادات سيئة مسيطرة على الأجواء . مثل السهر ، و الأكل حتى التخمة ، و ادمان الألعاب الالكترونية أو الهاتف . بالتالي يتطلب الأمر وقفة جادة لكسر عاداتك السيئة . تذكري أن لكل عادة مضاعفات وهي تبدأ بالإستيطان في حياتك مع كل يوم تأخير . لذلك اعرفي الخلل ، ضعي خطة ، ثم التزمي بها .
سابعا : اجعلي الأعمال المملة أكثر متعة :
لنعترف أن الكثير من بواعث الكسل في حياتنا هي بسبب الأعمال المملة المطلوب انجازها . فهناك بعض الأعمال مهما اضفتي لها نكهة حماس، تظل رديئة الطعم في نفسك 😪. مثل غسيل الأطباق ، و المذاكرة ، و بالنسبة لي : الرياضة ، فأنا حرفياً أجرّ نفسي لممارستها🙊 . لذلك كوني مبتكرة ، و حاولي خلق شيء من المتعة أثناء العمل . شخصياً أنقذتني كثيراً الموسيقى و البودكاست ( التسجيلات الصوتية ) لدفعي في انجاز أكثر الأعمال مملاً . كذلك أمني نفسي ببعض المكافئات بعد الانجاز مثل جلسة على التلفاز ، أو كوب من القهوة . كذلك أجد نفسي أنهيت ترتيب المطبخ أو غرفة المكتب و أنا في خضم محادثة هاتفية مع صديقة أو والدتي . و في الحالات التي لا أستطيع فيها المحادثة أو الاستماع أثناء انجاز عمل ممل أحب أتحدي نفسي بوضع مؤقت في الهاتف أو الساعة الذكية و مسابقة نفسي لإنهاء العمل .
عموما ، إن فشلت كل وسائل الابتكار ، فكري فقط بالشعور الطيّب الذي سيأتيك من انجاز هذه المهمة . فيكفي أن عقلك سيتوقف عن تأنيبك و ملاحقتك طول الوقت لإنهاء عملك الواجب .

ثامنا : توقفي عن التفكير و ابدأي فورا ً :
الكسالى يحتاجون للتنبيهات . لا تتوقعين أن كتابة قائمة مهام في الصباح أو بداية الأسبوع ستجعلك تنجزينها بخفة و سهولة خلال اليوم . ضعي التكنولوجيا في صفك هذه المرة . أحب أنثّر روتيني اليومي ( لأحجار أساس اليوم ) على تقويم الجوّال مثل وقت مقترح للقراءة و تناول الفيتامينات و الرياضة و تنظيف البشرة . و عندما تكون المسألة ملحة مثل تناول دواء أو انجاز مهمة وظيفية أو دراسية فأوصي بإستخدام منبه الهاتف و كتابة اسم المهمة بوضوح كأسم للمنبه . بإمكان ربط التقويم و المنبه مع ساعتك الذكية ، بالتالي سيلحقك التنبيه و أنت نائمة في فراشك 😂
و بالطبع عندما يرن المنبه ، عودي نفسك على سرعة التفاعل ، بمعنى قومي الأن و فوراً _ بقدر المستطاع _ لإنجاز مهمتك ، فكلما طال الأمد بينك وبين وقت انجاز المهمة ، تدخلت الأفكار الكسولة في الخط و شوهت الرؤية وجعلت ما كان سهلا مستحيلا. لذلك لا تفكري ( متى ، و كيف ، و لماذا ) ، قومي الأن و فوراً 🏃♀️
لا تنسي كذلك أن تضعين هدفك النهائي من المهمة نصب عينك في دفتر منظمك أو على لوحة في المكتب أوربما خلفية هاتفك . الأهداف مثل التخرج من الجامعة ، المال من الوظيفة ، شراء بيت العمر ، قضاء وقت أطول مع أطفالك ، الجسم الصحي و الرشيق . هذا كله من شأنه أن يحرّك نعاسك و يدفعك للعمل .

عاشرا ً : تجنبي المثالية :
لا توجد حياة كاملة ، ليس متوقع من هذه المقالة أن تحوّلك الى (سوبر ومن 😎) تنجزين مهامك بنشاط و خفة يوميا .إنما الهدف أن لا يكون الكسل سمة غالبة على حياتك . فلا بأس من بعض الكسل يوم أو يومين في الأسبوع . أو ربما اسبوع من الشهر . لكن لو كان الكسل هو سيّد حياتك كل يوم بحيث تدفعين نفسك دفع للعمل مع تراكم الخطط و ضياع الفرص فالأمر يتطلب منك شيء من الجدية . كذلك لا أشجع في هذه المقالة على ملء جدولك يومياً بالأعمال و الانجاز ، لكن أوصي بالتركيز على الأولويات ، و بناء العادات التي تجعل انجاز أي عمل ثقيل أكثر سهولة ، مما يترك لك وقت وفير للراحة و الاسترخاء .
و آخر مقترح قبل أن أختم : لو يأستي من انجاز مهمة ( غير ضرورية )لأيام ، أرجوك اشطبيها من قائمة مهامك ، اخبري نفسك بوعي أنك لا ترغبين بإنجاز هذه المهمة هذا الأسبوع أو هذا الشهر و قد تعودين لها في وقت لاحق. مثلاً لو قررتي قراءة كتاب هذا الأسبوع ، ثم فشلتي في البدء ليوم ويومين و ثلاثة ، مع شعورك بالتثاقل ، اعملي الغاء للمهمة و ريحي عقلك من الضغط 😏✋ . لأن الموضوع لا يستحق أن يحطم تقديرك الذاتي و بالتالي يعزز من أزمة الكسل . ستجدين شيء من السعة النفسية عند الغاء المهام التي يأستي من انجازها .
هذا كل شيء فيما يخص الكسل .
التدوينة طويلة شكرا لوصولك هنا 💕لا أتوقع منك تعليقا على هذه المقالة 😆
اعتمدت في كتابتي للمقالة على عدة مصادر هي :
https://korrashay.com/2020/06/14/6-ways-to-beat-laziness/
https://myriadofdreams.com/how-to-stop-being-lazy-and-become-productive/
مواضيع ذات صلة :
تابعيني على منصات التواصل الإجتماعي :
حقوق الصور :
4 ردود على “لحياة أكثر نشاطاً : تغلبي على الكسل في 10 خطوات”
اكثر صفحة تعطي طاقة ايجابيه ونشاط وكل شي حلو
شكرا تقوى ، ممتنة لتعليقك اللطيف
[…] لحياة أكثر نشاطاً : تغلبي على الكسل في 10 خطوات […]
[…] لحياة أكثر نشاطاً : تغلبي على الكسل في 10 خطوات […]